ومن هنا ندخل في القسم الثاني من الرجعة الظاهرية وهو ما يتضمن القيام بعد الموت.
واهم ما يدل على ذلك أجمالا يعني بغض النظر عن التفاصيل الآتية، دليلان وهما رئيسيان في الشريعة:
 وَيَوْمَ]الأول: القرآن الكريم، قال الله تعالى جل شأنه  نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ  .[بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ
ويتم فهم الآية ضمن عدة قرائن لفظية فيها:
 والحشر ظاهر في[وَيَوْمَ نَحْشُرُ]أولا: مفهوم الحشر في قوله تعالى  الرجوع بعد الموت، وظاهر القرآن الكريم حجة.
[حَتَّى إِذَا جَاءُوا]ثانياً:  الأمر الذي يدل على صدق الوعد من هذه الناحية وحصول المجيء بعد الرجوع.
ثالثاً:  الخ، الأمر الذي يدل على حصول النتيجة[وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ..... ] فَهُمْ لا]فعلاً من هذا الرجوع وهو إلزامهم بأعمالهم ومؤاخذتهم بها. وانقطاع حجتهم  .[يَنْطِقُونَ
وظاهر القرآن في كل ذلك حجة.
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ]رابعاً:   الأمر الذي يدل بوضوح على إن هذا الحشر غير الحشر يوم القيامة، عندئذ يكون[فَوْجاً [حَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً]للجميع لا للبعض كما قال تعالى:  . وقد وردت في ذلك رواية، إلا أن العمدة هنا مطابقتها فعلاً مع ظاهر القرآن الكريم فيكون حجة بهذا الاعتبار ويكون وجود الرواية مؤيداً لذلك.
نعم يبقى سؤال واحد: وهو إن هذه الآيات الكريمات دلت على حشر المكذبين والكفار في الرجعة ولم تدل على حشر المؤمنين في حين إن الذي ينفعنا في مذهبنا هو العكس.
وهذا له عدة أجوبة نذكر منها ما يلي:
أولا: إن الآية الكريمة تدل على حشر المؤمنين فعلاً، لأنهم  والمؤمنون أمة على أي حال، و أما[مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ]مشمولون لقوله تعالى  تحميلهم المسؤولية بعد ذلك فالآية غير واضحة بشموله لكل من يحشر.
ثانياً: إننا لو تنزلنا عن الجواب الأول وقلنا إنها خاصة بحشر الكفرة، فهو ينفعنا أيضا في مذهبنا.
أولا: لان من يقول بالرجعة يقول برجوع الكفار والمؤمنين معاً وبعض الروايات ناطقة به.
ثانياً انه لو أمكن رجوع الكفار، وهو ثابت بقدرة الله سبحانه وبنص القرآن الكريم، أمكن رجوع المؤمنين. فإذا دل عليه الدليل أو قال به قائل فليس قوله بمستنكر ولا باطل كما يصوره لنا الآخرون.
هذا وان هناك دليلاً أخر من القرآن الكريم على الرجعة وهو الآية الدالة على خروج (الدابة) وسوف نتعرض لها بعد ذلك بصفتها رجعة خاصة ـ أي للبعض ـ لا عامة كما تدل علية الآية التي ذكرناها أولاً وهو العموم.
الدليل الآخر الرئيسي على الرجعة، السنة الشريفة.
وهي كثيرة ومستفيضة بل قال عدد من علمائنا بما فيهم المجلسي في البحار أنها متواترة. وان على ذلك ضرورة المذهب.
ونحن على أي حال في فسحة من امرنا، بعد أن استدللنا بالقرآن الكريم نفسه. فحتى لو لم يثبت من السنة شيء فحسبنا كتاب الله سبحانه.
وهذا الاستدلال يحتوي على نقطتي ضعف.
النقطة الأولى: إن الروايات الواردة بهذا المضمون كلها أو الأعم الأغلب منها شيعية بحيث لو وجد في مصادر العامة منها شيء منها فهو اقل من أن يكون له صفة الحجية في هذا الأمر المهم.
ومن المعلوم إن الروايات في مذهبنا لا تكون حجة عليهم. كما إن تسالم علمائنا ـ كما قيل ـ وضرورة المذهب ـ كما قيل ـ لا يكون حجة عليهم.
لكن الأمر تجاههم لا يخلو من عدة مستويات.
المستوى الأول: دلالة القرآن الكريم عليها كما سبق وسيأتي كما أشرنا.
المستوى الثاني: التواتر، وهو كثرة الروايات بحيث توجب حصول العلم لدى العقل غير المعاند، وهذا لا يختلف فيه مذهب عن مذهب.
المستوى الثالث: إنها إن فرضنا عدم الدليل عليها، فلا دليل على نفيها كما قلنا. وقد أشرنا في أوائل هذا البحث إن ما يكون كذلك لا يجوز الجزم بنفيه فضلاً عن نبزه بالصفات الباطلة، بل يجب ايكال علمه إلى الله والراسخين في العلم.
النقطة الثانية : من نقاط الضعف.
اختلاف الروايات الدالة على الرجعة بالمضمون اختلافاً كثيراً. بحيث أرجعناها في (تاريخ ما بعد الظهور) إلى عشرة مضامين أو أكثر منها: رجوع من محض الأيمان محضاً.. . ورجوع بعض الأموات ورجوع الحسين ورجوع من محض الكفر محضاً. ورجوع أمير المؤمنين   بعد ظهوره ورجوع بعض الأنبياء السابقين على الإسلام وغير لنصرة الأمام المهدي  ذلك.
وهذا الاختلاف قد يستدل به ـ كما قلنا في الكتاب المشار إليه ـ على ضعف هذه الروايات وعدم إمكان الأخذ بها لأن أي واحد منها هو خبر واحد؛ فلا يكون معتبرا في مثل هذا الأمر العقائدي المهم، و أما مجموعها فلا يدل على رجعة معينة، بل يدل على الرجعة على الإجمال من دون الإشارة إلى أمر بعينه.
إلا أنه يمكن تلافي هذا الضعف كما يلي:
أولا: إن ثبوت الرجعة على الأجمال يكفينا في تصحيح ما عليه علماؤنا ولا حاجة إلى التفاصيل.
ثانيا: إن الرواية الدالة على هذا المضمون وهو (رجوع من محض الإيمان محضاً ومن محض الكفر محضاً ) رواية معتبرة سنداً عندنا إلى درجة محترمة جداً, فتكون كافية وحجة في إثبات مضمونها، وإذا ثبت مضمونها ثبت مضمون الرجعة إجمالا، إذ نقول: إن الرجعة بهذا المعنى صحيحة وثابتة.
إلا إنها رواية تثبت على مستوى مذهبنا لا على مستوى المذاهب الأخرى.
ثالثاً: دعم هذه الرواية بما دل عليه القرآن الكريم من الرجعة كما اشرنا، إذن فهي موافقة القرآن وغير مخالفة له إذن فلا موجب لنفيها, بل هنا الموجب لإثباتها وحجيتها.
رابعاً: إن ما قد يتخيله البعض مع شديد الأسف، إنها روايات متعارضة ومتنافية، ليس هذا بصحيح على الإطلاق، وقد قلنا ذلك في (تاريخ ما بعد الظهور).
إذ أن معنى التعارض والتنافي يعني أن تنص المضمون مضموناً آخر، كما لو دل الدليل على سفر (زيد) من يوم الأحد إلى يوم الجمعة، ودل دليل آخر على وجوده في بلده يوم الاثنين، ونحن نعلم انه إما يكون في بلده أو في البلد الأخر ويستحيل أن يكون في البلدين معاً، إذن يكون الدليلان متكاذبين ومتعارضين ولا يكونان معاً حجة.
إلا أن أخبار الرجعة ليست كذلك لإمكان أن يحدث كل أنواع الرجعة التي نصت عليها الروايات أو أن يحدث بعضها بدون أي تنافٍ،  بل لا ينفي الدليل على رجوع الحسين  فمثلاً: إن الدليل على رجوع أمير المؤمنين  لعلهما يرجعان معاً، ونحن نعلم إن ذلك ممكن بحسب التصور العقلي وفي قدرة الله سبحانه، مضافاً إلى موافقتها – إجمالا- القرآن الكريم كما اشرنا.