كـتـاب الصلاة

 

   الفقرة (1)

 في إعداد الصلوات:

الصلوات إما واجبة أو مستحبة .و الواجبة كلها مؤقتة . و لكنها قد تكون يومية كصلاة الصبح و قد لا تكون ، كصلاة الآيات . والمستحبة قد تكون مؤقتة وقد لا تكون . و المؤقتة قد تكون يومية وقد لا تكون. فاليومية كصلاة الليل و نافلة الفجر. و غيرها المؤقت كصلاة أول الشهر و نافلة شهر رمضان .وأما غير المؤقت فهو لا حساب له،  وإنما يندرج تحت قوله (  عليه السلام ) : الصلاة خير موضع من شاء استقل ومن شاء استكثر .

وأهم ما هو ملفت للنظر في هذا الصدد ، عدة أمور :

الأمر الأول :إنّ اغلب النوافل المؤقتة غير اليومية ،لم ترد بدليل معتبر فقهياً ،وإنما ياتي بها الفرد رجاء المطلوبية، باعتبار ما ورد من أنّ (من ورده ثواب على عمل فعمله كان له ذلك الثواب و إن كان رسول الله * لم يقله).
وهو ما يسمى فقهياً بالتسامح بأدلة السنن.

لا يختلف في ذلك بين ما كان لهل سبب زماني ، كصلاة أول الشهر أو سبب غير زماني كصلاة الوالدين .

لكن يستثنى من ذلك  بعض الصلوات ، مثل نافلة رمضان و صلاة الإستسقاء و صلاة العيدين  مع عدم اجتماع الشرائط للوجوب . فإنها جميعاً ثابتة بدليل معتبر و لعل ما سواها كله خارج عن هذا الصدد .


صفحة (131)
 

الأمر الثاني : إنه معروف أن النوافل اليومية ضعف الفرائض اليومية . فالفرائض سبع عشرة ركعة و النوافل اربع وثلاثين ركعة ، يكون المجموع إحدى و خمسين ركعة ، التي هي من علامات المؤمن حيث ورد أن علامات المؤمن خمس:التختم باليمين و زيارة الأربعين والصلوات الإحدى والخمسين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. كما أتذكر أنه ورد في علامات المؤمن ثلاث : إفشاء السلام و إطعام الطعام و القيام بالليل و الناس نيام .

هذا و قد ورد : أنّ  النوافل تسد النقص الحاصل في الفرائض . حيث يقول الإمام ( عليه السلام ) ما مؤداه : إنّ  للمصلي من صلاته ما حصل فيه الذكر و التوجه ،فإن كان نصفاً فله نصفها و إن كان ربعاً فله ربعها . و إن لم يكن فيها توجه لفّت و ضربت في وجهه. فقيل له : إذن هلكنا يا بن رسول الله . قال :إنّ الله جبر الفرائض بالنوافل. أقول : إذن لعل التوجه الذي نقص من الفريضة يحصل في النافلة .

هذا ، فكيف إذا لم تنقص الفرائض من الذكر والتوجه . وكيف إذا  لم تنقص النوافل منه ، وإن كان ذلك لا يكون إلا للأوحدي من الناس . وقد ورد :أنه من صلّى ركعتين لا يذكر فيها إلا الله سبحانه خرج من ذنوبه كما ولدته أمّه.

الأمر الثاني : إنّ القاعدة في النوافل أن تكون ركعتين ركعتين كصلاة الصبح ، و كلما ورد منها فهو زوجي العدد . حتى لا يحتاج معه إلى صلاة أو ركعة أو صلاة ذات ثلاث ركعات.

لا يستثنى من ذلك إلا صلاة الوتر ، فإنها ركعة واحدة ، و قيل بإمكان دمجها مع الشفع فتكون صلاة واحدة ثلاثية . كما يستثنى منه صلاة الوتيرة ، وهي ركعتان من جلوس ، لو اعتبرناها ركعة . باعتبار ما ورد : من أن كل ركعتين من جلوس تعد ركعة من قيام . وسيأتي بعض الحديث عن ذلك .

كما يستثنى من ذلك  صلاة الأعرابي ، فإنها ذات أربع ركعات ، إلا أن الدال عليها غير تام سنداً . وإنما تثبت بأدلة التسامح بأدلة السنن .

صفحة (132)


وأما الفرائض ففيها الرباعية و الثلاثية و الثنائية ، كما هو معروف . بل أن الركعة الواحدة ، وهي صلاة الإحتياط. و فيها عشر ركعات و هي صلاة الآيات أذا عددنا كل ركوع بركعة ، وإن كان خلاف المشهور .

الأمر الثالث: ما ورد من أنّ كل ركعتين تعدان بركعة، وإن كان ذا سند معتبر، إلا أنه من الصعب فقهياً أن نعتبره قاعدة عامة ، و نتمسك بإطلاقه لكل الصلوات . ومعه فقد يكون من الأفضل حمله على أن ثواب الركعتين من جلوس كثواب الركعة . نعم لو أراد الفرد المزيد من الثواب أو تداركه أمكنه التكرار ، فيما هو قابل للتكرار.

إذ من الواضح : انّ الفرائض كلّها ليست كذلك ، سواء كانت يومية أم لم تكن . فلوكان تكليف الفرد الصلاة جلوساً فيها ، لم يجب بل لم يجز أن يحسب الركعتين بركعة . و هذا واضح فقهياً بلا جدال .

كما أنّ الأمر في النوافل ما يقرب من ذلك ، إذ من الصعب القول فقهياً : أنّ بالإمكان جعل صلاة العيدين حال استحبابها أربع ركعات جلوساً وصلاة الشفع أربع ركعات ، وصلاة الوتر ركعتين .

ولا أقلّ فقهياً:من أنّ الفرد حين ينتهي من الركعتين الأولتين ، يحتاج إلى دليل معتبر لمطلوبية الركعتين التاليتين نفس العنوان(كصلاة الشفع) بصفتها استمراراً لها . و إذا لم يكن ذلك الدليل موجوداً كانت الركعتان التاليتان تشريعاً محرماً ، ولا مجال لها فقهياً .

فإن قيل :إنّ ذلك الدليل المعتبر الدال على أنّ الركعتين من جلوس تعدّ بركعة من قيام ،كاف في ذلك.

قلنا :كلا . إذ من الصعب أن نفهم منه أن الصلاة بعد  إنجازها جلوساً قد انتهى نصفها و بقي النصف الآخر مطلوباً. فإنها دلالة التزامية مستبعدة عرفاً .

مضافاً  إلى إمكان  التساؤل : عما إذا كان الكلام و غيره بين الركعتين الأولى والثانية ممكنا أو لا. فأن قلنا أنه غير ممكن، كان ذلك على خلاف الضرورة الفقهية، لأن الفرد ليس في حال الصلاة فلماذا يمنع من الكلام.

صفحة (133)