الإهــداء

 

سيدي ومولاي ومولى المؤمنين ، بقية الله في أرضه والمذخور لنشر عدله في بريته ... الحجة بن الحسن المهدي (ع) .

ارفع إلى مقامك السامي .. بكل خشوع .. هذا المجهود المتواضع .. عسى أن يخدم - بما بذلت فيه من مجهود - قضيتنا الكبرى التي كانت ولا زالت وستبقى الرائد الأول لرفع رايتها وغرس بذرتها وجني ثمارها .

وغاية أمله -  يا سيدي - وفخره .. أن يحظى منك بنظرة رحمة ولمسة دعاء .. وأن تراه عملا خالصاً نقياً من شوائب الانحراف .. وخطوة موفقة لانتظار مستقبلك .. مستقبل الاسلام .. حين تملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ..


                                                           المؤلف


صفحة (9)

                               مقدمة تفضل بها سماحة سيدنا

الاسباذ آية الله العظمى السـيد

محمد باقر الصدر دام ظــله

الشريف تبريكاً لهذه الموسوعة

الشريفة .


" وَنُريدُ أَن نَمُنَ عَلى الَذينَ اسْـتُضْعِفُـوا في الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُـمْ أَئِمَةً َنَجْعَلَهُـمُ  الْوَارِثـينَ "
5:القصص .

 

 

ليس المهدي تجسيداً لعقيدة كلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري ، ادرك الناس من خلاله – على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب – أن للانسانية يوماً موعوداً على الأرض . تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير ، وهدفها النهائي ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للانسان على مرِّ التاريخ استقرارها وطمأنينتها ، بعد عناءٍ طويل . بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينياً بالغيب ، بل إمتدَّ إلى غيرهم أيضاً وانعكس حتى على أشدِّ الايديولوجيات والأتجاهات العقائدية رفضاً للغيب والغيبيات ، كالمادية الجدلية التي فسَّرت التاريخ على أساس التناقضات ، وآمنت بيوم موعود، تصفى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام والسلام . وهكذا نجد أن التجربة النفسية لهذا الشعور التي مارستها الانسانية على مرّ الزمن ، من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عموماً بين أفراد الانسان .

 
صفحة (15)
 

 

وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي العام ، ويؤكِّد أن الأرض في نهاية المطاف ستمتلأ قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، يعطي لذلك الشعور قيمته الموضوعية ويحوله الى ايمان حاسم بمستقبل المسيرة الانسانية ، وهذا الايمان ليس مجرد مصدر للسلوة والعزاء فحسب ، بل مصدر عطاء وقوة ، قهو مصدر عطاء ، لأن الايمان بالمهدي ايمان برفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها ، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب ، لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الانسان ، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما أدلهمِّت الخطوب وتعمق الظلم ، لأن اليوم الموعود ، يثبت أن بامكان العدل ان يواجه عالماً مليئاً بالظلم والجور فيزعزع ما فيه

من اركان الظلم ، ويقيم بناءه من جديد ، وان الظلم مهما تجبَّر وامتدَّ في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته ، فهو حالة غير طبيعية ، ولا بد ان ينهزم . وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمة مجده ، يضع الأمل كبيراً أمام كل فرد مظلوم ، وكل أمة مظلومة في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء .


صفحة (16)

وإذا كانت فكرة المهدي أقدم من الاسلام وأوسع منه ، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام جاءت أكثر اشباعاً لكل الطموحات التي انشدت إلى هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني ، واغنى عطاءٍّ واقوى إثارةٍ لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مرِّ التاريخ وذلك لأن الإسلام حوَّل الفكرة من غيب إلى واقع ، ومن مستقبل إلى حاضر ، ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد ، المجهول إلى الايمان بوجود المنقذ فعلاً ، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود ، وإكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم .

 صفحة (17)