وهي بهذا تنحو منحى القرآن الكريم الذي أكد على هذه الجهة بوضوح ، في عدد من آياته كقوله تعالى : }ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين}(1) . وقوله:}إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}(2) . وقوله: }وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل}(3) . إلى غير ذلك .

فالاثنينية بين المتكلم والسامع محفوظة بكل وضوح ، وارتفاع المتكلم على السامع ملحوظ بكل جلاء . وهذا ثابت في هذه الرسالة أيضاً ، مع بعض الفروق بين سياقها والسياق القرآني ، لا تخفى على الأديب .

وهذا الإيحاء يعطي زخماً نفسياً معيناً ، لا مناص منه حين يراد السيطرة على السامع من الناحية العاطفية والفكرية . كيف وإن السامع في كلا هذين الحالين ، يعترف بارتفاع المتكلم عليه بكل خشوع .

النقطة الثانية :

في تعيين محل سكنه عليه السلام ، عند إرسال هذه الرسالة .

حيث نرى المهدي (ع) – لو صحت الرواية – يعين مستقره أي مسكنه بنصب في شمراخ من بهماء . والنصب هو الشيء المنصوب . والشمراخ رأس مستدير طويل دقيق في أعلى الجبل . والبهماء مأخوذ من المبهم وهو المكان الغامض الذي لا يعرف الطريق إليه .ومعه يكون المراد – والله العالم – أنه عليه السلام يسكن في بيت منصوب على قمة جبل مجهولة الطريق .

ثم يقول : صرنا إليه آنفاً من غماليل , يغتي أنه انتقل إلى هذا المسكن الجديد ، منذ مدة ، من غماليل يعني من منطقة كان يسكنها قبل ذلك ، توصف بهذا الوصف . فإن الغماليل جمع غملول وهو بالضم الوادي ذو الشجر أو غمام أو ظلمة أو زاوية(4) .وقد تلاحظ معي أن كلا الدارين ذات خفاء وغموض ، وقابلة لاختفاء الفرد في أنحائها بشكل وآخر .
ــــــــــــــــــ
(1) الحافة 69 / 44 – 45 . (2) الإسراء 17 / 75 .  (3) آل عمران 3 / 144 .  (4) القاموس المحيط ، جـ 4 ، ص 26 .

صفحة (164)

ثم يذكر سبب انتقاله إلى المسكن الجديد ، بأنه "ألجأنا إليه" إلى المسكن الجديد "السباريت من الإيمان" . والسباريت جمع سبرات وسبروت وسبريت : الأرض التي لا نبات فيها وقيل لا شيء فيها . ومنها سمي المعدم سبروتاً(1) . ومعه يكون لهذه العبارة تفسيران محتملان .

التفسير الأول :

أن نقرأ "الإيمان" بكسر الهمزة ، فيكون المراد أن الفقراء أو الفارغين من الإيمان هم الذين ألجاوه إلى اختيار مسكنه الجديد . حيث اقتضت المصلحة نتيجة لتصرفاتهم المنحرفة ، أن يزداد المهدي (ع) بعداً عن الناس وخفاء في المسكن ، فاختار جبلاً ذو قمة خفية ليجعله مسكناً .

التفسير الثاني :

أن نقرأ همزة "الإيمان" بالفتحة ، فيكون جمع يمين – ضد اليسار – ويكون المراد بالسباريت : الأرض الخالية من الزرع الموجودة في يمين الطريق . ولعله طريق الحج أو طريق إحدى المدن . وقد ألجأه إلى تركها إلى المسكن الجديد قلة الزرع فيها وصعوبة العيش عليها .

ثم يخبر المهدي (ع) بأنه على وشك الانتقال إلى مسكن آخر ثالث . فأنه سيهبط من قمة الجبل إلى صحصح ، وهي الأرض المستوية "من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان" بل في فترة قريبة وأمد قصير . وهنا لا يجب أن نفترض أن هذه الأرض خالية من النبات والزرع ، كتلك الأرض .

ومن هذا السياق نعرف أن المهدي (ع) يختار مكانه بعيداً عن المجتمعات ، على الدوام . ولعل في هذا امتثالاً للأمر الذي نقله المهدي (ع) عن أبيه (ع) في رواية ابن مهزيار ، وقد سبقت الإشارة إليها أكثر من مرة . وهذا لا ينافي أطروحة خفاء العنوان إذ قد يكون المهدي (ع) ظاهراً بالشخص مختفياً بالعنوان ساكناً الأماكن المنعزلة في العالم . وقد سبق أن عرفنا أن هذا أكثر وضوحاً وإمكاناً في أول
ــــــــــــــــــ
(1) انظر المصدر ، جـ 1 ، ص 149 وغيره .

صفحة (165)

الغيبة ، وأما ما بعد ذلك فالحاجة إليه منتفية ، بل قد يكون مخالفاً لبعض تطبيقات تكاليفه عليه السلام .

وبالرغم من تصريحاته عن مكانه، إلا أننا لا نجد أنه قد ذكره على وجه التعيين، وإنما ذكر – في الحقيقة – عنواناً كلياً يمكن انطباقه على كل قمة وكل واد . ولم يصل في الوضوح إلى حد لو بحث الإنسان عن مكانه لوجده .

ونلاحظ بوضوح أن المهدي (ع) يعين مكانه بعبارات لغوية قديمة تكاد تكون مندرسة الاستعمال ... لا يريد أن يسوقها مساقاً واضحاً ، حتى لا يفهمها من يطلع عليها ، إلا إذا كان من خاصة الناس في العلم والاطلاع . وهذه خطوة إلى تلافي بعض احتمالات الخطر المحتملة الوقوع على تقدير الاطلاع على هذا الخطاب .

وعلى أي حال نرى المهدي (ع) يعد الشيخ المرسل إليه ، بأن يوصل إليه أنباءه فيما يتجدد له من حال . ولعل المراد المباشر لذلك ، هو إخباره بانتقاله إلى المكان الجديد في الصحصح ، ولكن العبارة أعم من ذلك، تشمل كل ما يريد الإمام المهدي (ع) تبلغيه إلى الشيخ المفيد ، مما يتخذه من رأي أو يذهب إلأيه من مكان ، بمقدار المصلحة والإمكان .

ومن هنا قال له : فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال . يعنى أن مواصلتك بالمراسلة ستطلعك على الأعمال نحمدها ونعتبرها صالحة ومقربة إلينا . فهذه العبارة واضحة الدلالة على عزم الإمام المهدي (ع) على تكرار المراسلة مع الشيخ المفيد ، ولعل ذلك قد حدث ولم يصلنا خبره ، ولعله لم يحدث لأن الشيخ توفى بعد هذه الرسالة بعام واحد .

النقطة الثالثة :

فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل لذلك فتنة ، تسبل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين، يبتهج لذمارها المؤمنون ، ويحزن لذلك المجرمون .

وهو توجيه عام من المهدي (ع) إلى الشيخ المفيد وغيره من إخوانه في كل جيلٍ ... بأن يقابل أي يقف ضد الفتنة التي تسبل أي تستبيح نفوس قوم حرثت باطلاً ، أي خاضت غمار الباطل في أرض صالحة لذلك . وهي إنما تستبيح نفوسهم في انصهارهم فيها ، وسيرهم مع تيارها .

صفحة (166)

وإنما يكون على المفيد أن يقف ضد الفتنة ، من أجل استرهاب المبطلين وتخويفهم لأجل ردعهم عن الباطل وصرفهم إلى طريق الحق . وقوله : لذلك . أي باعتبار ما نعتمده من الزلفة إلينا من الأعمال .

فيكون المراد لزوم العمل لكفكفة الظلم وردع الفتن التي تؤسس الأراضي الصالحة لنمو المفسدين والمجتمعات المنحرفة التي تربي المنحرفين . ليكون ذلك من الأعمال الصالحة التي يعتبرها ويحمدها بصفتها من أعظم المقربات إلى الله ، وأحسن التطبيقات للعدل الإسلامي .

وإنما سمي الظلم فتنة ، باعتبار أنه محك الامتحان الإلهي لنفوس البشر وإيمانهم ، لكي يمحصوا به ويميزوا ، فيحيى من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة . وقد ذكرنا أن هذه الفتن والظلم ، كما توجب قوة انحراف المنحرفين توجب الظلم مما يوجب تزايد قوة الإرادة والوعي لدى المؤمنين المخلصين ويصعد معنوياتهم ، مما يعجل بتحقيق شرط الظهور . ومن هنا نرى المهدي (ع) يأمر الشيخ المفيد وسائر إخوانه من الأجيال ، بهذا الجهاد الإيماني الكبير .

ومن هنا نفهم ان الفتنة المذكورة في هذا التعبير ، ليست إشارة إلى حادثة تاريخية معينة حتى نبحث عنها في التاريخ العام ... كما عملنا في الرسالة السابقة . وإنما هي عبارة عن الانحراف العام الذي يصيب المجتمع على مر الأجيال خلال عصر الغيبة الكبرى ، ذلك الانحراف الذي يزيله المهدي (ع) بعد ظهوره .

ثم أن المهدي (ع) في رسالته يذكر : أن الجهاد ما يؤثره من استرهاب المبطلين وردعهم عن باطلهم ... يبتهج لذمارها – أي لدفعها ومحاربتها –(1) المؤمنون ويحزن لذلك المجرمون .
ــــــــــــــــــ
(1) كما هو أحد معاني الذمار في اللغة ، وهو الحث على الحرب والدعوة إليها قد استعمل هنا مجازاً .

صفحة (167) 

النقطة الرابعة :

إعطاء المهدي (ع) علامة من علامات ظهوره وإمارة من إمارات حركته .

وهي : أنه ينتج من هذه اللوثة – وهو تعبير عن الفتنة – حادثة عظيمة مؤسفة وجرم كبير ، من رجس منافق مذمم ، مستحل للدم المحرم . يعمد – أي يتعمد – بكيد أهل الإيمان ، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان .

والمراد : أنه ينتج من هذه الفتنة التي يعيشها المجتمع ، أن أحد المنحرفين المنافقين ، يريد أن يتعمد إلى أهل الإيمان بالكيد والضرر ، فيغتال أحد المؤمنين ، بهذا القصد . وبالرغم من أن هذا المؤمن سوف يذهب إلى ربه ، إلا أن القصد الأساسي لذلك المجرم سوف لن يتحقق ، وسيبقى المؤمنون على أمنهم واستقرارهم نتيجة للطف المهدي (ع) ودعائه لهم بدفع الشر ، ذلك الدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء .

ونتيجة لذلك يقول المهدي (ع) في رسالته : فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب ، وليثقوا بالكفاية منه ، وان راعتهم بهم الخطوب ...

ولهذه الفقرة ، معنى آخر محتمل ، يختلف قليلاً عما ذكرناه ، وهو أن لا تكون الحادثة الموعودة من قبل الظالمين، هي حادثة قتل ، وإنما هو تخطيط اجتماعي ، لا يقاع المؤمنين في الضرر الضيق ، يقوم به شخص منافق مذمم، مستحل للدم المحرم . ولا يكون استحلاله للدم في هذه الحادثة بالتعيين ، بل المراد أن من شأنه ذلك أو له فيه سوابق . إلا أن هذا التخطيط ، سوف لن يصل إلى هدفه ، نتيجة لدعاء المهدي (ع) .

وعلى أية من المعنيين ، لم نستطع أن نتبين الحادثة المشار إليها في هذه الفقرة ... من التاريخ العام أو الخاص . فإن ما أكثر الشهداء المغتالين في سبيل الله تعالى كالشهيد محمد بن مكي الملقّب بالشهيد الأول والشهيد زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني والقاضي نور الله التستري الملقب بالشهيد الثالث في ألسنة البعض ... وغيرهم ... وما أكثر المؤامرات الفاجرة التي تحاك ضد المجتمع المؤمن ، ولا يكون فشلها إلا بدعاء الإمام عليه السلام وعمله.  

صفحة (168)

وقد سبق أن قلنا أن الدعاء النافذ المستجاب ، يعتبر من أحسن الأعمال النافعة الخيرة على الصعيدين الفردي والاجتماعي ، ومن أبعدها أثراً وأفضلها نتيجة .

وبذلك ينجو المؤمنون من المكائد ، فليطمئنوا وليثقوا بدعاء إمامهم – كما أمر إمامهم – ، فإن عاقبتهم ستكون إلى خير ... إذا التزموا بالسلوك الصالح والعمل الصحيح .

النقطة الخامسة :

إيصاؤه عليه السلام بالإصلاح الشخصي للنفس ، الذي هو الحجر الأساس لإصلاح المجتمع ، ولنجاة الفرد والمجتمع من الفتن المظلمة المضلة ، ونجاحه المؤزر في الامتحان الإلهي الكبير . وبدون ذلك يكون الفرد قد خسر أساسه الإيماني الصحيح ، وانحرف انحرافاً حاداً يخسر به دنياه وآخرته .

ومن هنا نرى المهدي (ع) يؤكد على وجوب دفع الحقوق المالية الإسلامية إلى مستحقيها ، ومن أمر الله تعالى بصلته وهم الفقراء والمحتاجون . وإنما خصها بالذكر لعلمه عليه السلام بأن قواعده الشعبية تؤدي – عادة – الفرائض الإسلامية العملية كالصلاة والصوم والحج ... فلم يبق لهم من الفرائض ، إلا الحقوق المالية التي قد تشح بها بعض النفوس ، وتحتاج في أدائها إلى تضحية أكبر .

قال عليه السلام : أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين وأخرج مما عيه إلى مستحقيه ، كان آمناً من الفتنة المبطلة ومحنها المظلمة المضلة . ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته ، فأنه يكون خاسراً بذلك أولاه وآخرته .

ومن هنا نفهم أن الأداء الكامل للفرائص الإسلامية ، هو المحك في النجاة عن الانحراف الجارف الذي يودي بالكثيرين خلال عصر الغيبة الكبرى . والسر الأساسي في ذلك : هو أن أداء الفرائص كاملة ، مع الارتداع عن جميع المحرمات ، مضافاً إلى أنه يمثل السلوك الشخصي الصالح ، فإنه – بما يوجبه للفرد من صبر وتضحية على مستوى معين من المصاعب في سبيل الله عز وعلا – يحدث في الفرد قوة في الإرادة والتحمل في مجابهة التيار الظالم وما يستلزمه من إغراء ومخاوف . مما يوجب نجاته منها وبعده عنها ، ومن ثم نجاحه في الامتحان الإلهي الكبير , وبذلك يحرز سعادته في الدنيا والآخرة . وبخلاف ذلك ، سوف يكون فاشلاً في الامتحان الإلهي "خاسراً بذلك أولاه وآخرته" .

صفحة (169)

مضافاً إلى نقطة أخرى في دفع الحقوق المالية ، هي : أن خير ما ينقذ القواعد الشعبية المهدوية في المجتمع المنحرف ، وأحسن تخطيط يمكن به كفكفة جماح ما يفرض عليهم من قبل الظالمين من حصار اقتصادي واجتماعي ... هو أن يكفل بعضهم بعضاً ويحمل بعضهم همّ بعض ، وذلك بالالتزام بدفع الحقوق الإسلامية المالية التي فرضها الله تعالى ، فأنها كافية لتنفيذ هذه الكفالة ووافية بهذا الضمان . وبهذه الحقوق – أيضاً – يمكن وضع البرامج الاجتماعية الوقتية لدفع ظلم أو لتربية جيل أو لقضاء بعض الحاجات .

النقطة السادسة :

إيصاؤه بالإصلاح العام الذي هو أكبر وأهم من الإصلاح الشخصي ، والذي به يتحقق شرط الظهور ، ويجعل الأمة على مستوى المسؤولية التي يؤهلها للتيمن بلقاء الإمام المهدي عليه السلام ، وتحمل مسؤوليات ظهوره .

وهذا الإصلاح العام ، يعبر في حقيقته عن ضرورة اجتماع أشياعه – وهم أتباعه – ... عقلاً وقلباً ... عقيدة وعاطفة وسلوكاً ، في الوفاء بالعهد المأخوذ عليهم ، في إطاعة أوامر الإسلام ونواهيه ، وامتثال قادة الإسلام ومتابعتهم . ومن الواضح أن هذا الاجتماع على الطاعة هو أوسع وأهم من الطاعة الفردية ، وأكثر انتاجاً بشكل غير قابل للمقايسة . وهو الذي يمثل العمل المشترك لتبليغ الإسلام وتطبيقه ، والجهاد المشترك ضد أنحاء الظلم والطغيان والعدوان .

وهذا الاشتراك والتضامن ، لهو أقوى الأسباب لتحقق الإرادة لدى الأفراد ، ولتربية الوعي والشعور بالمسؤولية فيهم ... وهو الشرط الأساسي للظهور ...

ومن ثم نرى المهدي (ع) يرتب على هذا الاجتماع أثره الحقيقي ، ويستنتج منه نتيجته الطبيعية ... فإنه لو كان متحققاً : "لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا" . تلك السعادة الناتجة من العدل الكامل الذي يتكفل المهدي (ع) تطبيقه على العالم كله . 

صفحة (170)

"على حق المعرفة وصدقها منهم بنا" . وهذه العبارة تدل على أطروحة خفاء العنوان ، التي اخترناها ، باعتبار أن المهدي (ع) خلال غيبته معروف بالشخص مجهول الهوية والحقيقة ، وإنما هو معروف بشخصيته الثانية . وأما بعد الظهور فتصبح المعرفة حقاً وصدقاً ، يعني سوف يعرف الناس شخصه وحقيقته وانطباع العنوان على الشخص بوضوح .

ولو كانت أطروحة خفاء الشخص صادقة ، لكانت هذه العبارة في غير محلها ، ولكفت البشارة بحدوث المشاهدة بعد انعدامها عند الظهور .

"فما يحبسنا عنهم" أي يؤخر الظهور "إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره عنهم" من المعاصي والتقصيرات وعدم الشعور بالمسؤولية الإسلامية .

وهذا يدل على أمرين مهمين ، سبقت الإشارة إليهما ، ولكن يكون في هذا الكلام من المهدي (ع) زيادة في الاستدلال عليهما :

الأمر الأول : كون المهدي (ع) مطلعاً على الأخبار مواكباً للأحداث يشعر بآلام وآمال أمته وقواعده الشعبية.

الأمر الثاني : إناطة الغيبة بذنوب الناس وعصيانهم . فمتى لم يكن هناك ذنب ، لم يكن للغيبة سبب ، فتتحول إلى الظهور . وهو معنى ما قلناه من أن الفرد إذا كان عالياً في الوثاقة كاملاً في تطبيق الإسلام ، فإن المهدي (ع) لا يحتجب عنه مرة أو مراراً ، بل قد يكون ذلك على الدوام ، كما سبق أن فصلناه .

صفحة (171)