وفي حديث آخر (1) :"إن رسول الله (ص) قال أن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه، فلا خير لك في قتله"

القرينة الرابعة :

تقدم مقتل هذا الثائر العلوي على ولادة المهدي المنتظر عليه السلام. ومعه لا يصح جعله علامة على ظهوره. ومعه لا بد أن ننتظر مقتل شخص آخر يسمى أو يوصف بالنفس الزكية.

إلا أن هذه القرينة لا تصح ، لوضوح إمكان جعل العلامةساقة على ولادة المهدي (ع).  بعد أن كان التخطيط الالهي لليوم الموعود ، لا يبدأ ببدء الاسلام فحسب ، بل ببدء البشرية من أولها. إذن فكل الارهاصات تشير إليه. وقد سمعنا جعل هلاك الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية وخروج الرايات السود من العلامات .... وكل ذلك مما حدث قبل ولادة المهدي عليه السلام.

القرينة الخامسة :

إن التنبؤ بمقتل النفس الزكية جاء في الروايات ، مقترناً أو متأخراً عن بعض ما يعلم بعدم حدوثه إلى الآن. إذن فيكون مقتضى الفهم العام من السياق أنه أيضاً لم يتحقق إلى الآن . ومعه يتبين أن لا يكون مشاراً به إلى قتل ذلك الثائر العلوي ، بل إلى مقتل رجل آخر ، يقتل في مستقبل الدهر.

فمن ذلك : رواية الخمس علامات ، كقول الامام الصادق عليه السلام :" للقائم خمس علامات ، السفياني واليماني والصيحة من السماء ، وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء" (1). ورواية تعداد الأمور المحتومة كقوله عليه السلام : " النداء من المحتوم والسفاني من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم ..... " الحديث (2).

ومن المعلوم أن خروج السفياني واليماني والصيحة مما لم يحدث ، إذن فقتل النفس الزكية ، مما لم يحدث أيضاً .

وهذا الكلام غير صحيح ، فان ما يقتضيه السياق هو عدم حدوث كل هذه الأسور عنج صدور الرواية. وهذا صحيح. ثم أن بعضها يسرع بالحدوث وبعضها يتأخر . وهذا لا يربط له بظهور الكلام وسياقه. وبخاصة أن العطف في الرواية بين العلامات بالواو، وهي ليست دالة على الترتيب ، مثل "أو" أو ثم، كما ينص النحاة.
________________________
(1) غيبة النعماني ، ص 133. 
(2) المصدر، ص 134.

صفحة (509)

القرينة السادسة:

مما سبق أن سمعناه من الخبر القائل : ليس بين قيام القائم وبين قتل النفسالزكية إلا خمس عشرة ليلة " . وحيث نعلم بالقطع واليقين تأخر الظهور عن مقتل ذلك الثائر العلوي لا بخمس عشرة ليلة، بل بأكثر من ألف فيتعين أن، لايكون التنبؤ منصباً على ذلك ، بل على مقتل رجل آخر.

إلا أن هذه القرينة غير صحيحة ، فان هذا الخبر وان تعدد في المصادر ، فقد رواه المفيد في الارشاد والشيخ في الغيبة والصدوق في إكمال الدين وغيرهم إلا أن ذلك يعود إلى راو واحد. فإنه مروي عن ثعلبة عن شعيب عن صالح. وقد وصف ثعلبه في الارشاد والاكمال بابن ميمون ووصف شعيب في الغيبة والارشاد بالحداد ، ووصف في الاكمال بالحذاء. ووصف صالح في الارشاد بابن ميثم وفي الاكمال بابن مولى بني العذراء.

وعلى أي حال ، فان هذا الخبر على أحسن تقدير خبر واحد ، وقد رفضنا التمسك بمثله في تشددنا السندي.

إذن فلم يثبت نفي هذه الفكرة وهي أ، النفس الزكية الموعو ليس هو النفس الزكية الثائر العلوي . بل يبقى ذلك محتملاً على أي حال ، وسنذكر في المستوى الثاني مثبتاته والقرائن الدالة على صحته.

المستوى الثاني:

فيما يدل من القرائن على ثبوت هذا الانطباق ...... وأن التنبؤ منصب على ثورة ذلك العلوي ، ليس إلا.
فمن ذلك : ما رواه الاصبهاني في المقاتل (1) بسنده عن محمد بن علي – الباقر عليه السلام- عن آبائه ، قال " النفس من ولد الحسن ".
_______________________________
(1) ص 184

صفحة (510)

وهذا الحديث واضح الدلالة في الاشارة إلى النفس الزكية المعهودالتنبؤ ها في الأخبار. وهو لم ينطبق إلا على الثائر العلوي ، بل قد قيل فيه خصيصاً ، كما هو ظاهره  حيث أورده الأصفهاني في ترجمته.

ومن ذلك : ما رواه أيضاً (1) بسند إلى عبد الله بن موسى : "ان جماعة من علماء أهل المدينة أتو علياً بن الحسن، فذكروا له هذا الأمر – يعني المطالبة بالحكم – فقال : محمد بن عبد اللله أولى بهذا مني. فذكر حديثا طويلاً. قال : ثم أوقفني على أحجار الزيت فقال : ههنا تقتل النفس الزكية . قال  : فرأيناه في ذلك الموضوع المشار إليه مقتولاً".

وما رواه أيضاً بسنده عن مسلم بن بشار، قال : (كنت محمد بن عبداللله، عند غنائم  خشرم . فقال لي : ها هنا تقتل النفس الزكية – أقول :يعني نفسه - .  قال : فقتل هناك ".

إذن فالنفس الزكية ليست إلا ذلك الثائر العلوي ، ولعمري أنها علامة مهمة وملفته للنظر ،

حيث اتسعت ثورته ، حتى خاف منها المنصور ، كما يتضح لمن راجع المقاتل ولا نريد أ، ندخل في تفاصيله.

النقطة الثالثة : ظهور الدجال:

وقد اختصت به المصادر العامة تقريبا ، وليس في المصادر الامامية إلا النزر القليل .  وأما في مصادر العامة فالأخبار عنه وعن صفاته أكثر من أن تحصى ، وقد نسبت إليه كثيرا من الضرائب ، لا بد من تمحيصها بغض النظر عن حملها على  الرمز – وهو ما سنتكلم عنه فيما بعد – لنرى ما يتم منها ، وما لا يتم . ونتكلم عن ذلك ضمن أمور :

الأمر الأول :

مقتضى القواعد العامة التي عرفناها ، لزوم الاعتراف بخروج الدجال ، اجمالاً .

لأن الأخبار الدالة على وجوده بالغة حد التواتر القطعي بلا شك . لكن صفاته وتفاصيل خصائصه لا تثبت ، لأنها واردة – في الأغلب – في أخبار آحاد لا يمكن بالتشدد السندي الأخذ بها . ومعه يكون هناك مجال كبير في حمله وحمل عدد من صفاته على الرمز ، على ما سوف يأتي .
______________________________
(1) المصدر والصفحة.

صفحة (511)

الأمر الثاني:

فيما أخرجتته المصادر العامة من صفاته .

ونحن نكتفي بما أخرجه الصحيحان توخيا لاختصار، ما لم تدع حاجة خاصة إلى التوسع.

أولاً : أن النبي (ص) حذر أمته منه.

أخرج البخاري(1) عن أنس قال : "قال (ص) : ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب .  إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".  وأخرج مسلم (2) نحوه.

ثانياً: أن النبي (ص) استعاذ من فتنته:
أخرج البخاري (3) عن عائشة رضي اللله عنها ، قالت:"سمعت رسول الله (ص) يستعيذ في صلاته من فتنة الدجـال".

ثالثاً:  أنه كافر.
أخرج البخاري(4) في الحديث السابق عن أنس : "وأن بين عينيه مكتوب : كافر" وأخرج مسلم(5) في
حديث :"مكتوب بين عينيه : كافر. يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ".

رابعاً: أنه يدعي الربوبية.
أخرج ابن ماجة (6) عن رسول الله (ص) في صفة الدجال. وفيه يقول : "أنه يقول :أنا ربكم ".
_____________________________
(1) جـ9 ، ص75-76.
(2) جـ8، ص195. (3) جـ9، ص75.
(4) المصدر، ص76. (5) جـ8، ص195. (6) جـ2، ص1360.

صفحة (512)

وفيما أخرجه الصدوق من خبر الدجال (1) ما يدل على ذلك.

إذ يقول عن الدجال اننه :"ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والانس والشياطين . يقول:"إليًّ أوليائي ، أنا الذي خلق فسوى وقدّر فهدى ، أناربكم الأعلى".

وقد نوقشت دعواه هذه في الأخبار بعدة وجوه:

الوجه الأول :

قول النبي (ص)- فيما روى ابن ماجة-:" ولا ترون ربكم حتى تموتو".  والمراد الاستدلال برؤيته في الحياة على عدم كونه إلها ً، لأن الله تعالى لا يرى.

الوجه الثاني:

قول النبي (ص) فيما سمعناه : "وأنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كاتب وغير كاتب".

الوجه الثالث:

" أنه يطعم الطعام ويمشي في الأسواق . وإن ربكم لا يطعم الطعام ولا يمشي في الأسواق ولا يزول تعالى الله عن ذلك علواً  كبيراًَ" (2).

الوجه الرابع:

" أنه أعور وأن الله ليس بأعور ". 

وقد أخرج الشيخان ذلك ، وهو مما يؤيد فكرة دعواه للربوبية ، بالرغم منأنهما لم يخرجا ما يدل عليها صريحاً.....إذ لا تصلح هذه الأخبار إلا لمناقشة هذه الدعوى، وإلا كان التأكيد على كونه أعور ، أمراً مستأنفاً.

أخرج البخاري (3) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال: " قام رسول الله (ص) في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال ، فقال : اني لأنذركموه. وما من نبي إلا وقد أنذر قومه . ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه . انه أعور، وأن الله ليس بأعور".
____________________________
(1) انظر المصدر المخطوط. 
(2) انظر اكمال الدين المخطوط.  (3) جـ9 ،ص75.

صفحة (513)

وأخرج في حديث آخر (1) عن صفته أنه :رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبة
طافية ".
وأخرج مسلم (2) في حديث :إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ". وفي حديث آخر : "الدجال أعور  العين اليسرى". وفي حديثين آخرين : "أنه ممسوح العين".

وتجد هذا المضمون في سائر الصحاح وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم وغيرها ، بشكل مستفيض.

خامساً: طول عمره.  وهو مما لم ينص عليه الشيخان في صحيحيهما صراحة. وقد أخرج مسلم ما يدل على ذلك بغير الصراحة. وهوأمران:

الأمر الأول:

حديث الجساسة(3) الذي يقول فيه الدجال عن نفسه: "أنا المسيح واني أوشك أن يؤذن لي في الخروج: فاخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلاهبطتها .....الخ". وحيث نعلم أن الدجال لم يؤذن له بالخروج إلى حد الآن ، إذنفهو لا زال باقياً إلى حد الآن ، وسيبقى إلى حين يؤذن له بالخروج.

الأمر الثاني :

أخبار ابن صياد التي تدل جملة منها أنه كان معاعصرا للنبي (ص) ولم يؤمن به .كالخبر الذي أخرجه مسلم(4) عن عبد الله قال : " كنا مع رسول الله (ص) فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد ، ففر الصبيان وجلس ابن صياد. فكأن رسول الله (ص) كره ذلك . فقال له النبي (ص) : تربت يداك . أتشهد أني رسول الله ؟ فقال : لا بل أني رسول الله . فقال عمر بن الخطاب : ذرني يا رسول الله حتى أقتله . فقال رسول الله (ص) : ان يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله".
___________________________________
(1) المصدر والصفحة. (2) جـ8،ص195 وكذلك ما بعده من الأخبار.
(3) المصدر، ص205. (4) نفس المصدر، ص189.

الصفحة (514)

ومن الواضح دلالة مثل هذا القول على وجود غرض إلهي في حفظ حياته ، والمنع عن قتله ، ليكون هو دجال المستقبل!!.

وبعض الأخبار التي أخرجها مسلم (2) تدل على تكذيب ابن صياد نفسه للشائعة التي تقول أنه الدجال ..... وقد سبق أن روينا بعضها .

سادساً : قتله للمؤمن واحياؤه له . وقد خرّج الشيطان ذلك ، وقد سبق ـن نقلناه وناقشناه.

سابعاً : "إن معه ماء وناراً".

فمن ذلك ما أخرجه البخاري(3) عن النبي (ص) أنه قال في الدجال : " أن معه ماء وناراً، فناره ماء بارد وماؤه نار".   
وأخرج مسلم (4) : "إن الدجال يخرج وان معه ماء وناراً. فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق،  وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب. فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه  ناراً،فانه ماءعذب طيب".

وأخرج في حديث آخر :" أنه يجيئ معه مثل الجنة والنار ، فالتي يقول أنها الجنجة هي النار ".

ثامناً: "اختلاف نظان الزمان في عهد ". وقد سبق أن رويناه وناقشناه .

وتاسعاً:" أنه أهون على الله من ذلك ". وظاهره نفي أن يكون معه جبل خبز ونهر ماء . وقد سبق أن رويناه عن كلا الصحيحين .
___________________________
(1) المصدر والصفحة. 
(2)المصدر،ص190-191
(3)جـ9 ، ص75.  (4)جـ8، ص196، وكذلك الحديث الذي بعده

صفحة (515)

عاشراً : ما رواه ابن ماجه (1) : " إن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنب . وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت . وإن من فتنته أن يمر بالوحي فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصراً وأدره ضروعاً . وأنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه ، إلا مكة والمدينة .... " الحديث .

حادي عشر : " أنه ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال " .

أخرجه مسلم . وفي حديث آخر أنه قال : " أمر أكبر من الدجال  " (2) .

ثاني عشر : " أنه يقلته المسيح عيسى بن مريم عند نزوله " .

وقد أخرج مسلم أكثر من حديث دال على ذلك . فمن ذلك (3) قوله (ص) عن الدجال : " فبينما هو كذلك ، إذ بعث الله المسيح بن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين .... فيطلبه حتى يدركه بباب لُد فيقتله " .
وفي حديث آخر قال رسول الله (ص) : " يخرج الدجال في أمتي أربعين .... فيبعث الله عيسى بن مريم ، كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه ، فيهلكه " .
فهذه هي المهم م صفات الدجال في المصادر العامة الأساسية .

الأمر الثالث : في تمحيص هذه الصفات :
لا شك أنه بغض النظر عن فهم رمزي شامل لهذه الأخبار ، لا يصح شيء من هذه الصفات تقريباً .فإننا إذا أخذنا بالتشديد السندي ، فالامر واضح ، لأن هذه الأخبار ـ في غالبها ـ آحاد لا يمكن الاعتماد عليها .
ـــــــــــــــــــ
(1)  
جـ 2 , ص 1360 وما بعدها .  (2)   كلاهما في جـ 8 , ص 207 .  (3)   انظر جـ 8 , ص 198 .

صفحة (516)

وإن غضضنا النظر عن الشتدد ، نرى أن هذه المضامين اعجازية المحتوى منسوبة إلى الدجال وهو من أشد الناس كفراً وطغياناً . وقد سبق أن بينا عدم إمكان ذلك .

ولعمري ، إن كلتا نقطتي الضعف هاتين : ضعف السند وإيجاد المعجزات المنحرفة ، مستوعبتان للأعم الاغلب من هذه الصفات ، ما عدا صفات طفيفة ككونه أعور العينين !! فإنه مستفيض النقل في الأخبار .

ومعه يدور الأمر بين شيئين لا ثالث لهما ، فأما أن نرفض هذه الأخبار تماماً . وأما أن نحملها على معنى رمزي مخالف لظاهرها . ومن الواضح رجحان الحمل على المعنى الرمزي على الرفض التام . وبخاصة وأن مجموع هذه الأخبار متواتر عن النبي (ص) , ولا نحتمل فيه ـ وهو القائد الرائد للأمة الإٍسلامية ـ أن يربي الأمة على مثل هذه العجائب والسفاسف . فيتعين أن يكون المراد الحقيقي معان اجتماعية حقيقية واسعة ، عبرعنها النبي (ص) بمثل هذه التعابير طبقاً لقانون : حدث الناس على قدر عقولهم .آخذاً المستوى الفكري والثقافي لعصره بنظر الاعتبار. ومن هنا ينفتح باب الأطروحة الثانية لفهم الدجال . وهي التي سنتعرض لها في الناحية الثانية الآتية .

وعلى كل حال ، سواء رفضنا هذه الأخبار ، أو حملناها على غير ظاهرها ، فإن المفهوم ـ على كلا التقديرين ـ إن وجود الدجال أمر محق ، ولكنه ليس رجلاً معيناً متصفاً بهذه الصفات التي يدل عليها ظاهر هذه الأخبار . ولم يتحقق ذلك فيما سبق ، ولن يتحقق في المستقبل . وإنما هو عبارة عن ظواهر اجتماعية عالمية كافرة ، سيأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى .

النقطة الرابعة : ظهور السفياني :

وقد اختصت به المصادر الامامية ، وليس له في المصادر الأولى للعامة أي أثر... ولعل فيه تعويضاً عن فكرة الدجال الذي اختص به العامة أو كادوا ، لمبررات معينة ستأتي الإشارة إليها .

والأخبار عنه في المصادر الامامية ، وإن كانت كثيرة ، إلا أنها لا تبلغ بأي حال مقدار أخبار الدجال التي حفلت بها المصادر العامة . كما أنها خالية عن نسبة الامور الإعجازية إلى السفياني ، على ما سنعرف . وبذلك يندفع الاعتراض المهم الذي كان وارداً على أخبار الدجال ، من حيث عدم إمكان صدور المعجزة من أصحاب الفعالة والمنحرفين .

صفحة (517)

وتتم إيضاح فكرة السفياني ضمن أمور :

الأمر الاول : في الأخبار الدالة على وجوده وصفاته .

أولاً : في تسميته وإثبات أصل وجوده :

أخرج الشيخ في غيبته (1) عن أبي عبد الله الصادق (ع) ، أن أبا جعفر الباقر (ع) كان يقول : " خروج السفياني من المحتوم " . وفي خبر آخر (2) عن أمير المؤمنين (ع) قال : " قال رسول الله (ص) : عشر قبل الساعة لا بد منها : السفياني .... " الحديث .

وأخرج الصدوق في الإكمال نحواً من هذا الأخير (3) . وفي خبر آخر عن أبي عبد الله (ع) قال : " إن أمر السفياني من المحتوم " . وفي خبر آخر عنه (ع) : " قبل قيام القائم خمس علامات محتومات : اليماني والسفياني ... " الحديث .

وأخرج النعماني في غيبته (4) عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : " للقائم خمس علامات : السفياني ...  الحديث .

وأخرج (5) أيضاً عنه عليه السلام , قال الراوي : قلت له : ما من علامة بين يدي هذا الأمر . فقال : بلى . قلت : وما هي ؟ قال : هلاك العباسي وخروج السفياني ... " الحديث .
وفي خبر آخر (6) عنه عليه السلام في تعداد علائم الظهور ، قال : " إذا اختلف ولد العباس ... وظهر السفياني ... " الحديث .
ــــــــــــــــــــــ
(1)  
المصدر والصفحة . (2)   انظر المصدر المحفوظ . (3)   المصدر ، ص 267 .
(4)   انظر ص 133 . (5)   المصدر ، ص 139 . (6)   المصدر والصفحة .

صفحة (518)