أقول ولعل هذا الوجه الثالث على استشهاد الأئمة هو أقرب هذه الوجوه إلى الوجدان ، فإنه يورث القطع بنتيجته وهي استشهاد الأئمة عليهم السلام بيد السلطات الحاكمة ، سواء كان السبب المباشر لذلك هو الخليفة نفسه ، بإعتبار كونه المسؤول الرئيسي في المحافظة على كيان الخلافة العباسية، أو غيره من صنائعه أو المسيطرين عليه ، كبعض الموالي والأتراك أو القواد أو القضاة .

وأما إذا لم تتم عند أحد هذه الوجوه ، وتوخينا الاثبات الخاص على كل إمام بمفرده انه مقتول أو شهيد . فسوف لن يسعفنا التاريخ بطائل . حتى ان الشيخ المفيد في الارشاد يقول عن الامام الجواد عليه السلام : وقيل انه مضى مسموماً ولم يثبت بذلك عندي خبر(1) .

واما الامام الهادي عليه السلام فنجد بعض من تعرض لوفاته يذكر انه: قيل انه مات مسموماً ،  كإبن الجوزي في تذكرته(2) والمسعودي في المروج(3) وقال عنه الطبرسي: انه استشهد(4) وقال ابن شهر اشوب : انه استشهد مسموماً. وأضاف: وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد(5). أقول : وهذا غير محتمل لما عرفنا من ان الامام الهادي عليه السلام توفي في أيام المعتز قبل خلافة المعتمد بسنتين وذلك في عام 254هـ  واستخلف المعتمد عام 256 هـ .

ـــــــــــــــــــــ

(1) انظر ص 307 .    (2) ص 375 .

(3) ص 86 ج 5 .     (4) اعلام الورى ص 339 .

(5) الماقب ص 506 ج 3 .


صفحة (235)

 

وعرفنا ان الامام الذي توفي في أيام خلافة المعتمد هو الامام العسكري عليه السلام . اذن فهذا النقل سهو أما من ابن بابويه أو من ابن شهر أشوب رضي الله تعالى عنهما .

واما المفيد في الارشاد والاربلي في كشف الغمة وابن خلكان في تاريخه وسائر مؤلفي التاريخ العام ممن تعرض لوفاة الامام الهادي كابن الأثير وابي الفداء وابن الوردي وابن العماد ، فلم يذكروا لوفاته سبباً .

ونفس هذا الموقف يقفه هؤلاء جميعاً بالنسبة إلى الامام الحسن العسكري عليه السلام . يضاف اليهم ابن الجوزي فإيه أيضاً لم يصرح هنا بشيء . وقال ابن شهر أشوب : ويقال انه استشهد (1) . وأما الطبرسي فقد عرفنا موقفه من ذهاب كثير من الأصحاب إلى انه عليه السلام ذهب مسموماً للحديث الوارد عن الامام الصادق (ع). وكان تعليق الطبرسي على ذلك قوله: والله أعلم بحقيقة الحال . مما بدل على عدم تأكده منه ، على أقل تقدير . وعلى أي حال . فإنه ان اعوزنا التاريخ ، كفانا ما اثبتناه من القرائن العامة على ذلك . والله من وراء القصد .

 ــــــــــــــــ

(1) الماقب ج 3 ص 536 .


صفحة (236)