الفصل الثالث 

تاريخ الإمام الحسن بن علي العسكري

 

ولد عليه السلام بالمدينة عام (232)(1) وانتقل مع أبيه إلى سامراء بأمر المتوكل – على ما عرفنا – عام 234 هـ(2) وعمره حوالي العامين .ومن ثم فقد قضى القسط الأهم من حياته في العاصمة العباسية ، وواكب في العقدين الأولين من حياته ،وهي فترة معاصرته لابيه، جميع الظروف ولاملابسات والمولقف التي كان يواجهها أبوه عليه السلام أو يقوم بها ،وكان يتلقى ذلك بصمت وضبط واتقان استعداداً لتولي الأمانة بعد والده.

وإذ توفي والده الإمام الهادي (ع) عام 254 هـ في أيام المعتز العباسي ،قبل خلعه بعام واحد سنة 255 هـ(3) ..يكون عمره عليه السلام آنئذ ، حين تسلمه مركز الإمامة الفعلية الموالية والمؤمنين بقيادته ..اثنين وعشرين عاماً.

ــــــــــــــــــــ

(1) انظر الإرشاد ص315 وأعلام الورى ص349 والإتحاف ص68 وغيرها.

(2) انظر ابن خلكان ج2 ص453 والطبري ج11 ص157 والكامل ج5ص339 وابن الوردي ج1 ص333   والإتحاف ص68 والإرشاد ص307 واعلام الورى ص239 والمناقب ص505

(3) الكامل ج5 ص341


صفحة (165)

 

وقد واكب في عصر إمامته عليه السلام ، عاماً واحداً من أيام المعتز ، ثم المهتدي حتى ثار عليه الأتراك وقتلوه عام 256هـ (1).ثم واكب من أيام المعتمد حوالي أربعة أعوام حتى توفي عليه السلام عام 260هـ (2).

على حين استمر المعتمد في الحكم إلى عام 279 هـ ، حيث خرج من سامراء وقتل، وبذلك انتهت هذه البلدة عن كونها عاصمة للخلافة العباسية ، وعادت الخلافة إلى بغداد ..، قد سبق في  الفصل الأول أن حملنا عن ذلك فكرة كافية.

موقفه(ع) تجاه الأحداث العامة:

وهنا نواجه نفس الفجوة التاريخية التي كنا نواجهها في تاريخ الإمام الهادي عليه السلام .وهو عدم ورود تعليقات الإمام العسكري (ع) على جملة من الحوادث العالمية في أيامه .وقد أعطينا فيما سبق المبررات الواقعية لذلك مفصلاً.

والمهم أن نعرف أنه واكب عصر الإمام العسكري (ع) العديد من الحوادث المهمة المختصة به ، فالعام الأول من إمامته عليه السلام هو العام الأول لبدء دولة أحمد بن طولون في مصر .حيث بدأت بتولية الحكم على مصر والياً من قبل احد الأتراك هو بابكيال ...أولاً .ثم آخر منهم هو ياركوج(3) حيث استعمله الأخير على ديار مصر كلها وسلطة عليها فقوي أمره وعلا شأنه ودامت أيامه.

ــــــــــــــــــــ

(1) المصدر ص355

(2)انظر ابن خلكان ج1 ص372والكامل ج5373 وابن الوردي ج1 ص232 والإتحاف ص68 واعلام الورى 349 والمناقب ص524- والفصول المهمة ص307.

(3) الكامل ج5 ص339.


صفحة (166)

 

وفي ايامه عليه السلام ، كانت سيطرة الحسن بن زيد العلوي على طبرستان ، في ثورته الكبرى ضد السلطة التي دامت عدة سنوات ، وما قام به وما نفذ ضده من حروب.

ويتكلل كل ذلك ، من ناحية الأهمية بالنسبة إلى الكيان العباسي القائم بل لشعب المنطقة كله، بظهور صاحب الزنج بثورته العارمة الصاخبة التي عرفناها فيما سبق وقد استمرت حوالي الخمسة عشر عاماً.

وسنجد للإمام (ع) تعليقاً بسيطاً على صاحب الزنج .أما الحوادث الأخرى فلم نسمع منه عليها تعليقاً .وإنما كان كأبيه يقتصر في نشاطه بصفته إماماً موالياً لمواليه وأصحابه مشرفاً على مصالحهم العقائدية والإجتماعية مضافاً إلى تمهيده المباشر لغيبة ولده الحجة بن الحسن المهدي عليه السلام.

ومن الغريب المؤسف، أن ظروفاً صعبة نراها تمر على الخلافة العباسية في هذا العصر بالذات . ضعفت فيها الخلافة ، وسيطرعلى الحكم الموالي والأتراك وجماعة آخرين كالموفق طلحة بن المتوكل .ونرى المهتدي يتحنث ويتشبه بعمر بن عبد العزيز في بني امية ، وينصب قبة للمظالم ويتقرب إلى الله بما يعتقده من خدمة الناس وقضاء حوائجهم(1) كل ذلك لم يوجب خفة الضغط الموجه ضد الإمام وأصحابه ومواليه ، بل كان في ازدياد مستمر وتصاعد كبير ، على ما  نرى من المعتمد عند وفاة الإمام العسكري وتقسيم أمواله وبدأ الغيبة الصغرى على ما سنسمع، بالرغم مما كان يتمتع به النعتمد من سلبية وانصراف عن شؤون  الدولة .

ــــــــــــــــــــ

(1) انظر الكامل ج5 ص357والمروج ج4 ص103

 

صفحة (167)