هذا الكتاب

قرن من الزمن ، على وجه التقريب .. هو الذي يحاول هذا الكتاب أن يعرض له تاريخاً وتحليلاً وتبويباً ... على ضوء سائر المصادر الإسلامية التي تعرضت لذلك، سواء في ذلك التاريخ العام ، أو التاريخ الخاص الذي انبثق عن أقلام علمائنا الأبرار .

قرن من الزمن ... حافل بروائع الأحداث وجلائل الأخطار ... انموذج فذ من القرون ... سواء على الصعيد السياسي العام من حيث ما آلت إليه الخلافة العباسية يومذاك ، من الضعف والتصدع ... أو من ناحية الأئمة ، وكيف كانوا يخوضون غمار البؤس والأخطار بكل حذق وصبر .

انموذج خاص ... لا مثيل له في الدهر ، بالأسلوب الخاص الذي اتخذه الإمام المهدي (ع) في قيادة شعبه ، حال اختفائه عن مسرح الناس ، عن طريق السفراء الأمناء الذين كانوا ينقلون عنه التوجيهات ، ويقومون بالتنفيذ.

قرن من الدهر ... تكلفه هذا الكتاب ... ولم يكن كله متضمناً للغيبة الصغرى ... وان احتملت معظمه .... ولكن الكلام في مثل هذه الفترة الحرجة الدقيقة ، التي يكتنفها الغموض من العديد من جوانبها ، ولم تسلم من الأحكام العشوائية من عدد من الكتاب المسلمين وغيرهم .... هذه الفترة تحتاج في عرضها الأمين الدقيق .... إلى تقديم كبير ، للظروف السابقة عليها ، حتى نعرف بوضوح وتفصيل العوامل الأساسية التي أدت إليها وبلورت الأحداث فيها .


صفحة (13)
 

ومن ثم سار منهج هذا الكتاب ، على بيان مقدمة ، باديء ذي بدء في بيان نقاط الضعف الاساسية في تاريخنا الإسلامي... والتي تعيق الباحث عن التوصل إلى جملة مما يهمه ويؤثر في بحثه، من قضايا الإسلام والمسلمين .

ثم أعطى فكرة كافية عن تاريخ الإمامين العسكريين (ع) وهما علي بن محمد الهادي (ع) جد الإمام المهدي (ع) والحسن بن علي (ع) أبوه .... وما كان يتخذه هذان الإمامان من تدابير وما يقومان به من أعمال تجاه الدولة وتجاه قواعدهم الشعبية.

حتى ما إذا حملنا من ذلك فكرة كافية ... وصلنا إلى تاريخ الغيبة الصغرى ... لنتعرف على الاتجاهات العامة والأعمال التفصيلية التي كان يقوم بها الإمام المهدي (ع) وسفراؤه وما كانت تقوم به الدولة تجاههم من أعمال ، وما كانت تتبناه من أفكار .

ومن هنا قسم هذا الكتاب إلى قسمين رئيسيين ـ أولهما: يبدأ بإشخاص الإمام الهادي (ع) إلى سامراء عام 234 إلى وفاة الإمام العسكري (ع) عام 260 ... وثانيهم : يبدأ بما انتهى به القسم الأول : وينتهي بوفاة السفير الرابع من سفراء الإمام المهدي عام 329 .


صفحة (14)
 

وقد قرنا ، كلا من القسمين بفصل تحليلي لأهم الحوادث والاتجاهات التي كانت سائدة في كل هذين العصرين ... بحسب ما يدلنا عليه التاريخ الإسلامي العام .. بما له من مصادر متوفرة .

وهذا الكتاب ... بماله من اتجاه تاريخي ، لا يتكفل الدخول في مجال الجدل العقائدي الذي قد يثيره الكلام عن الإمام المهدي (ع) . كاثبات وجوده وطول عمره وغير ذلك .... إن لم يكن هذا التاريخ بنفسه كافياً لاثبات القطع بتواتر أخبار الإمام المهدي (ع) في الإسلام ... وسيكون لهذا الجدل ، وغيره من البحوث حول الإمام المهدي (ع) مجالات أخرى عسى الله عز وجل أن يوفقنا إلى خوض غمارها في سلسلة من البحوث المقبلة في هذه الموسوعة إن شاء الله تعالى .

المؤلف      

صفحة (15)